الجزء 11

جلس مصطفى تعلو وجهه علامات الحزن الشديد وتصبغه صبغة صفراء وهالات سوداء حول عينيه. لم يبد مريضاً، لكن لابد أن خطباً ما ألم به. تناول الجميع الطعام واستأذن مصطفى من الجلوس قائلا إن عليه ان يذهب الى البيت لأمر هام وتمنى لأحلام حياة مستقبلية سعيدة على المستويين العائلي والمهني وشكرها على عملها المتقن ومهنيتها العالية طوال مدة عمله معها. عندما غادر مصطفى جلست أحلام بجانب أم مصطفى تتجاذب معها أطراف الحديث وعلمت منها أن روزا حامل في الشهر الرابع وقد بدأ الحمل يؤثر سلباً على وضعها الصحي. انتهت الزيارة وبعد بضعة أيام سافرت أحلام لتبدأ تجهيزات الزفاف.
 كانت أحلام ورامز خطيبين تقليديين فكان يأتي ليزورها في منزل العائلة او يلتقيان في مقهى أو مطعم. كانت أحلام لا تجد توافقا كبيرا في الاتجاه العام في الحياة لكنها كانت تقول المهم أننا نفس الدين والعادات والتقاليد وأنه رجل محترم. كانت أحلام تحب المطاعم الصاخبة بالناس وكان يفضل مطعما هادئاً يختاره دوماً. كانت تحب الطعام السريع كالفلافل والهامبرجر والمشاوي وكان يحب الطعام الصيني وأطعمة غريبة من نوعها. كانت تحب المزاح وكان لا يضحك إلا نادرا. كانت تحب المشي لمسافات طويلة وكان لا يحبذ المشي أبدا. كان دائم التكلم عن التاريخ وكانت دائما تحبذ التكلم عن المستقبل. كانت تحب ان تتخيل حياتهما في المستقبل وكان يتفادى ذلك. كانت علاقتها مع والديها مبنية على التفاهم والمشاورة وكان طائعاً لأمه بكل شئ ومع ذلك كله استمرت لأنها لم تجد منه ما يسئ اليها. تم الزواج وجاء الأهل والأصدقاء ومن ضمنهم شريك والدها وزوجته وبدأت حياة جديدة.
 آلت أحلام على نفسها أن تحب زوجها وتحترمه وتفانت في أن تكون زوجة صالحة وكانت تحترم والدته وتعتبر أخته كأختها الصغيرة. مرت ثلاثة أشهر وبدأت أحلام تشعر بالملل فقررت أن تخبر رامزاً بأنها ستعود إلى سلك العمل وأنها ستبدأ بالبحث ابتداءً من الغد. وافقها زوجها على ذلك. كان هذا الاتفاق يوم إثنين من أيام الأسبوع وبدأت بالبحث عن عمل يوم الثلاثاء. في كل يوم جمعه اعتاد رامز وأحلام الغداء عند والدته ثم تذهب أحلام الى بيت والدها لزيارة أمها وأخواتها الصغار، ثم يلحق بها رامز ليجلس نصف ساعة ويذهبا بعدها الى المنزل. لكن لم تكن هذه الزيارة كأي يوم آخر. عندما صارا في منزلهما قال رامز لأحلام: أعتقد يا عزيزتي أن تؤجلي البحث عن العمل لوقت لاحق فأنا أرى أن نبدأ بالتفكير الجدي بأن نبدأ عائلتنا الصغيرة. نظرت أحلام إليه باستغراب وسألته بشكل مباشر وهي تنظر إلى عينيه بأسهم عينيها الفاتنة. أهذا انت من تتكلم أم والدتك؟ ثم أخذت نفسا عميقا وقالت: اسمع يا رامز، لم أتدخل يوما بأمور تطلبها والدتك منك عندما لا تؤثر على حياتي معك. لكن إلى هذه اللحظة انتهى صمتي. أراد رامز أن يبرر موقف والدته وأنها على حق لكن أحلام استمرت في الحديث قائلة: سأستمر في البحث عن عمل كما اتفقنا أنا وأنت. رفع رامز صوته وأسمعها كلاماً قاسياً لم تسمعه أحلام في حياتها من قبل، فما كان منها إلا أن بكت وذهبت الى سريرها لتنام. في هذه الأثناء كان رامز يجلس وحده في غرفة الجلوس وكان

حقوق الطبع والنشر محفوظة للكاتبة بسمة بسيسو لجميع أجزاء القصة (فتاة اسمها أحلام).


Comments

Popular posts from this blog

الجزء 28 و الأخير

الجزء 12

الجزء 25