Posts

Showing posts from November, 2018

الجزء 28 و الأخير

الجزء 28 والأخير: قررت أحلام أن تسافر من توها إلى الوطن في محاولة لاسترجاع جابر. وافقتها أمها وإخوانها الثلاثة وقرر أخوها الأكبر أن يرافقها ليساعدها في أي شيء تحتاجه. أما رأفت فقد كان مستاءً من سفر أحلام وحاول أن يقنعها بمحاولة إقناع رامز عن طريق الهاتف لإرسال جابر. وهذا الكلام لم يعجب أحلام. فإن دلَّ ذلك على شيء دلَّ على عدم اهتمامه بمصير جابر ودل على أنانية متأصلة في نفسه. أما مصطفى فقط تعاطف مع أحلام جداً وقال لها ولأخيها أن لا يقلقا على إدارة الشركة وأنه سيقوم بكل ما يلزم خلال فترة سفرهما. وكان مصطفى على معرفة بمحام بارع في أرض الوطن، فاتصل به وطلب منه أن يبذل قصارى جهده وخبرته القانونية ليرجع جابراً الى حضانة أمه. سافرت أحلام وأخوها وبدآ بمحاولات وِديَّة مع رامز لاسترجاع جابر، دون جدوى. فقررت أحلام استدرار عطف جدة جابر لأبيه، وبدأ قلب الجدة يلين لأنها ترى العذاب النفسي الذي يمر به جابر. ولأنها أدركت مدى الظلم الواقع على أحلام ولأنها أم وامرأة أيضاً.  حاولت أم رامز اقناعه بإرجاع جابر مع أمه ولكنه أبى.  ذهبت أحلام وأخوها إلى المحامي للسؤال عن الوضع القانوني فأجابهم أنك هناك أم

الجزء 27

رفضت أحلام طلب جابر بحزم واصرار وطلبت لأول مرة أن تقابل رامزا مذ جاء لزيارة جابر. السلام عليكم د. رامز، أود محادثتك بشأن جابر. رامز: تفضلي. أحلام: أنت تعلم حق المعرفة أنني قد تحملت كثيراً وتنازلت عن الأكثر فقط لأربي ابني. تنازلت عن حقوقي منك وتحملت ظلم الطلاق التعسفي وتعايشت مع إهمالك في السؤال عنه. والآن آن الأوان أن تنصفني يا رامز. تحشرجت الكلمات في حنجرتها فسكتت قليلاً لتستجمع جأشها وقالت: أقنع جابر أنه لا داعي لزيارتك في الوطن وأنك ستأتي لزيارته كل عام وتقضيان وقتاً ممتعاً معا. أجاب رامز بهدوء قاتل: لكن له إخوة ويود أن يعرفهم. أحلام: الآن فقط عرفت أنه له إخوة؟ رامز: أم جابر، أنا لن أقول لولدي ألا يأتي لزيارتي، أستأذنك فعلي الانطلاق إلى المطار. سافر رامز وأحلام تشعر بالإحباط الشديد والوحدة القاتلة من غير وجود أب لها تسأله ما تفعل وترتمي في حضنه لتحتمي بقوته وحنانه. وبدأت العلاقة بين أحلام وابنها تتهاوى لأن جابر في سن حرج ولا يفهم عواقب الأمور. لأن جابر لا يفهم خوف أمه من فقده إلى والده. لأنه لا يفهم معنى كلمة زوجة الأب. كانت أحلام تحاول إقناعه أنه يستطيع أن يذهب لزيارة والده أي

الجزء 26

تابعت أحلام عملها لذلك اليوم لكنها كانت شاردة الذهن. وقد لاحظ مصطفى ذلك خلال اجتماع عمل. كان يوجه السؤال لها أكثر من مرة لكي تجيب واستأذنت أن تغادر الاجتماع باكراً بالرغم من أهميته.  آثرت أحلام أن تبقى في مكتبها ولم ترد الذهاب باكراً إلى المنزل. بعد انتهاء الاجتماع، توجه مصطفى إلى مكتبها واستأذنها بالدخول. سألها مصطفى عن سبب شرودها وأنه خلال سنوات عمله معها لم يرها كذلك أبداً.  أجابت أحلام: اتصل بي رامز اليوم وطلب مني أن يأتي لزيارة جابر ولكني طلبت مهلة للإجابة. سآخذ رأيك ورأي أهلي وأوازن الأمور قبل أن أرد الجواب إليه. بما أنك رجل ذو خبرة في الحياة؛ ما رأيك؟ هممم... أجاب مصطفى. يا له من قرار صعب. يبلغ جابر من العمر أحد عشرة سنة وأنا أعلم أن الأولاد يتوقون لصحبة آبائهم في هذا العمر. ولكن في نفس الوقت عليك الحذر فإن اصطحب رامز الولد إلى الوطن كانت الوصاية له قانوناً.  أنا أقترح أن يأتي لزيارته في منزلكم وبوجود أخوتك الشباب وأن يصاحبه أحدهم في حال طلب أخذ جابر في مشوار؛ للحيطة لا أكثر. فعلي أن أحذرك أن كثيراً من الأطفال تم خطفهم من قبل أحد الوالدين. بدأت أحلام بالتوتر لكنها كانت مدركة ل

الجزء 25

انقطعت أخبار رامز عن أحلام وجابر خلال كل هذه السنين التي خلت. فقد انتقلت والدته من الحارة القديمة وسكن هو وزوجته منى وأولادهما في مدينة أخرى. خلال هذه السنوات لم يتصل رامز بولده جابر بتاتاً وكان هذا يولد حرقة في قلب أحلام كلما عنت سيرة رامز على بالها. ولطالما تساءلت: ما ذنب حبيبي جابر، هذا الشاب الصغير؟ لكنها كانت تنظر إلى كل من يساعدونها ويدعمونها حولها وتحمد الله كثيراً.   بدأ جابر يسأل أمه كثيراً عن والده خاصة بعد وفاة جده. كان الولد يتوق إلى رجل يحتضن أسئلته عن هذه الحياة.   كانت أحلام تطلب منه أن يسأل أخواله أي سؤال يريد وكان أخواله لطيفين جداً ويحبونه وكانوا يجتهدون في إجابته. لكنهم كانوا يفتقرون لعنصر الخبرة. فكانوا شباباً في أول حياتهم ولم يكونوا آباءً ولا حتى متزوجين . في مقابل حاجة جابر إلى والده رامز، كان رامز يعيش معترك الحياة مع زوجة أنانية وأولاده منها، لم يكونوا على قدر من التربية. كان عنده الآن ستة؛ أربعة أولاد وابنتين. كان يكسب جيداً من عيادته لكن بسبب إسراف منى لم تكن للنقود قيمة أو وزن . كان رامز يفكر بحياته التي مضت وبضعف شخصيته حيث أنه أدرك أنه كان تحت تأثي

الجزء 24

انتهت العطلة الصيفية طاوية معها الذكرى الحزينة لوفاة والد أحلام ووالد مصطفى. جابر في العاشرة من عمره آدم في الرابعة عشرة وعلي شاب صغير في السابعة عشر. أحلام مستمرة في عملها في الشركة وتستمتع بكونها أم لجابر ومصطفى مستمر في الحياة كذلك . بدأ الشعور بالوحدة يتخلل قلب أحلام. كان والدها قد أغناها مِنْ أن تشعر بالوحدة. إخوتها الثلاثة كل مشغول بمستقبله وهذا طبيعي . بدأت أحلام لا شعورياً تتوق إلى وجود رجل في حياتها لتشاركه قصص يومها وأحلام مستقبلها والتحديات في تربية طفلها  وما إلى ذلك من أمور الحياة اليومية. لأول مرة أحست أنها ستعيش وحيدة حين تكبر وحين يئن الأوان لجابر لمغادرة عش أمه إلى عش أسرته. صارت تشتاق لصوت والدها الحنون الذي طالما أثنى على جمالها وملابسها وأناقتها وشعرها. الآن لا أحد ينتبه إلا أم أحلام ولكن كان وقع الكلمات من والدها أجمل. مرت الأيام طوالاً وأحلام تقوم بكل واجباتها تجاه الجميع على أكمل وجه. ومر قرابة العام على هذا الروتين . وفي يوم من الأيام كانت تجلس في لجنة لمقابلة مرشحين جدد لإحدى الشواغر في الشركة وكان مصطفى وأحد المدراء القدامى أعضاءً في اللجنة أيضاً. كان

الجزء 23

جلس مصطفى وأحلام سوياً في مكتب العمل على طاولة الإجتماعات. بدأ مصطفى كلامه قائلاً: إسمعي يا أحلام، لقد عرفتك لسنوات طويلة ووالله أنت من القلة القليلة، من اللاتي عرفتهن على الصعيد الشخصي والعملي، مخلصة في العمل، ذكية، لماحة، خلوقة، صديقة وفية (لروزا رحمها الله)، حنونة على ابنك والأطفال حولك ومنهم أطفالي، مطيعة لوالدها، قوية الشخصية، متواضعة وأستطيع أن أستمر في الحديث لساعات طويلة عن خصالك الحميدة. أكبرك بعشر سنوات بالعمر ولقد عاملتك كأخت عزيزة في السنوات الماضية. أحلام، بعد وفاة والدك، أعدك أن أقف معك دائماً وسأكون موجوداً لدعم جابر كما استمريت بدعم أبنائي. أعلم أن لك ثلاثة إخوان وأم ولكن لسبب ما أحس أن من واجبي أن أعرض عليك دعمي متى شئت أنت وجابر فأرجوك لا تتردي بطلب أي خدمة. أما عن عملنا فسيكون لرأيك نفس وزن رأيي. أريد ان أعتذر عن تصرفي بنقل مكتبي بعيداً عن مكتبك بعد وفاة روزا. وهنا قاطعته أحلام. ولكنه استوقفها وقال: أرجوك دعيني أكمل فالكلام صعب جداً علي في هذا الموضوع. أرجو أن تستوعبيني بحلمك يا أحلام. أنت تعلمين كم كنت أحب روزا وتعلمين كيف كانت حياتنا مليئة بالعقبات ابتداءً من

الجزء 22

بدأت العطلة الصيفية وقلّت لقاءات علي وآدم مع أحلام. ولكن أحلام كانت على اتصال معهما وهما كذلك.  سافر والد أحلام ووالد مصطفى في رحلة عمل وقد تعودا أن يسافرا براً.  رن جرس الهاتف وإذا بطبيب من المشفى يخبر مصطفى أن حادثاً قد ألمّ بوالده وشريكه وطلب منه الحضور في الحال واصطحاب  أهل شريك والده أيضاً. حاول مصطفى أن يستفسر أكثر لكن لم يفصح الطبيب أكثر من ذلك. غادر مصطفى مكتبه مسرعا إلى مكتب أحلام وأخبرها عن فحوى المكالمة بالتدريج. فاصفرت أحلام وقالت أنا آتية معك الآن إلى المشفى وسأخبر أخي الأكبر أن يوافينا هناك. وصلا إلى المشفى وكانت إحدى الممرضات باستقبالهما لاصطحابهما الى مكتب الطبيب المعالج. جلس الاثنان أمام الطبيب و بدأ الأخير كلامه قائلا: ما حصل هو كالتالي: كان أحد والديكما يقود السيارة و قد أصابته سكته دماغية أفقدته السيطرة على السيارة و قطع الاشارة حمراء في نفس الوقت الذي مرت به شاحنة نقل كبيرة و حطمت السيارة تماماً. ثم أخذ نفساً عميقاً وقال: عظم الله أجريكما، لله ما أعطى ولله ما أخذ. انهارت أحلام بالبكاء وإذا بأخيها الأكبر الذي تخرج من الجامعة قريباً يدخل وعلم من ردة فعل أ

الجزء 21

انتهى اليوم الدراسي وذهبت أحلام لاصطحاب جابر من المدرسة وكذلك فعل مصطفى. كان يجلس في سيارته بانتظار أولاده. كان من عادة أحلام أن تقف شخصياً أمام باب المدرسة لاستقبال ولدها وإذا بها ترى ثلاثتهم يسرعون بلهفة نحوها وسلموا عليها سلاماً حاراً وكل هذا على مرأى من مصطفى. شعر مصطفى بأنه ظلم أبناءه حين حرمهم من رؤية أحلام وبدأت كلمات جون ترن في أذنه. خالتي أحلام قال علي على استحياء: نريد أن نأتي معكما أنت وجابر إلى البيت. اشتقنا لكما كثيرا وخذينا بعدها الى مركز التسوق واشتري لنا المثلجات. فلقد اشتقنا لتلك الأيام التي كنا نقضيها جميعاً مع أمي رحمها الله. بكل براءة المراهقين ومن غير أي تكليف أو موازنة للكلام قال علي هذه الكلمات. فما كان من أحلام إلا أن شدت على يده وعيناها تغرورقان بالدموع. يا حبيبي أنت وآدم. وأنا اشتقت لكما كثيرا. اذهبا الى بابا، ها هو ينتظركما في السيارة واطلبا منه إذناً وإذا أذن لكما اصطحبتكما معي. ركض علي وآدم إلى والديهما و طلبا إذنا منه لمرافقة أحلام. وافق مصطفى على مضض وقال في نفسه: هي طيبة معهما ولا يجوز لي ان أدخل الاطفال في متاهات حياة الكبار وقراراتهم. اصطحبت

الجزء 20

بعد إتمام مراسيم الجنازة ومرافقة مصطفى روزا إلى مثواها الأخير. عاد مصطفى الى منزل والده حيث فتحت دار للعزاء ووجد هناك والدي روزا وأخيها جون يبكون بحرقة على ما أصابهم. سلم عليهم واحتضنهم ولم يستطع أن يتكلم بغير كلمتين: ذهبت روزا، ذهبت روزا. بعد أن انصرف جميع المعزين سأل مصطفى: أين علي وآدم؟  أجابته إحدى أخواته: صمم الاثنان الذهاب مع أحلام إلى منزلها ولم نستطع ان نفعل شيئا أمام بكاء آدم ولم يشأ علي أن يترك علياً وحده. طأطأ مصطفى رأسه متعبا حزينا والتفت إلى جون وشرح له وضع تعلق الولدين بأحلام. وقال له: أتأتي معي لنرجع الاطفال الى البيت؟ قال جون: لقد سمعت عن أحلام كثيراً من أختي وكانت قد أعانتها على غربتها. هيا لنذهب. ذهبا إلى منزل والد أحلام وقرعا الجرس وفتح أخ أحلام الاكبر الباب وقال: تفضلا. أجاب مصطفى: كلا يا عزيزي فقط نريد الأولاد فأنا مرهق تماماً. حسناً انتظرا في غرفة الضيوف حتى احضر الطفلين. ذهب الأخ ليحضر الطفلين الذين أبيا ان يغادرا جانب أحلام. ولكن أحلام بحلمها وحبها اقنعتهما بالذهاب ووعدتهما أن تصحبهما غدا بإذن الله. اصطحب مصطفى وجون الأطفال إلى المنزل وذهبا مباشرة إلى النوم

الجزء 19

قال الطبيب المعالج: مرحلة الفشل القلبي في مراحلها الأخيرة ولقد طال انتظارنا لعملية زراعة القلب، ولم يعد في يدنا شيء، سيد مصطفى، الأمر كله بيد الله. سأل مصطفى: كم معها من الوقت؟ أجاب الطبيب: ساعات، أيام معدودة، الله وحده أعلم. ولأجل راحتها أقترح أن تبقى في المستشفى وأن تتصل بأقاربها لتوديعها. دخل مصطفى إلى غرفة اصطحبه إليها الطبيب وطلب منه أن يستجمع قواه قبل ان يدخل الى غرفة روزا. أجهش صاحبنا في البكاء وكأنه طفل على وشك أن يفقد أمه. كيف لا وقد  كانت تربطه بروزا أيام جميلة وأخرى ممتلئة بالتحدي. كيف لا وهي من تركت وطنها لأجله. كيف لا وهي من أمدته بالعزم والقوة في قمة أيام ضعفها ومرضها. كيف لا وقد أنجبت له طفلين جميلين وأحسنت تربيتهما. لملم مصطفى شظايا قلبه المتناثرة ودخل إلى غرفة روزا يعتلي وجهه الشحوب. نظرت روزا اليه وقالت وهي تمد يدها تجاهه بضعف شديد. مصطفى، حبيبي مصطفى، حياتي وكل عالمي انت. اقترب يا عزيزي. لم يتمالك نفسه وبدأت دموعه الساخنة تنزل كالشلال على خديه ولحيته الخفيفة. اقترب، اقترب يا عزيزي. انحنى فوقها ووضعت يدها على خده الأيسر وقالت: أحببتك كتيراً في حياتي فلا تنساني في م

الجزء 18

وصلت أحلام ووالدها إلى المنزل وجلسا في شرفته لعل نسائم الهواء الربيعية تهدئ من كم المفاجأة التي سمعاها. بدأت أحلام الحديث قائلة: الحمد لله على نعمته التي أنعم علي بها. لكنني كنت انتظر مرور الشهر الثالث من العدة ليتثبت الطلاق تماما. أبي إن أخبرنا رامز الآن سيجبرني على أن أعود إلى عصمته وأنا لا أريد ذلك وبدأت ببكاءً مريراً. أمسك والدها يدها وشد عليها وقال بصوت حنون ولكن كله قوة: أحلام، كفكفي دموعك وارفعي راسك، لن تعودي إلى رامز طالما أنا على قيد الحياة إن شاء الله. رفعت أحلام راسها وتنهدت تنهيدة عميقة وهزت برأسها موافقة. الوالد: سأخبر المحترم رامز بالأمر لأن الدين ينص على ذلك لكنني لن اسمح له بمحادثتك أو رؤيتك إذا حاول. هل تخولينني بذلك يا وردتي؟ أماءت احلام براسها موافقة. رفع الوالد سماعة الهاتف، مرحباً رامز. رامز: ماذا تريد؟ لا تحاول إصلاح الأمور فأنا لا اريد أحلاماً في حياتي. الوالد: إذاً نحن متفقان. أهاتفك لأخبرك أن احلام حامل في الشهر الثالث. ومجرد ان تضع المولود يحب عليك تسليمها ورقة الطلاق من كل بد. صمت رامز قليلا ثم صاح: حامل، كيف؟ ثم صمت. سأطلقها لا تقلق، لكنني سآخذ منها المو

الجزء 17

حاولت منى بعد أن وضعت خالداً أن تتقرب من أحلام، ليس حبا فيها لكن من مبدأ احتفظ بعدوك قريبا منك. وكانت منى، وبالرغم من كل العدل الذي يقوم به رامز بين الزوجتين، تشعر أن حب أحلام متغلغل في قلب زوجها. كانت تريد أن تتقرب منها لتحاول التخريب بين أحلام ورامز فالغيرة أعمت بصيرتها ولم تترك لها مجالا لتحكيم دينها. أدركت أحلام بفطنتها دوافع منى وكانت تصدها بلطف فهي إنسانة مهذبة الطبع هادئة. لم ترض منى بهذه المعاملة وبدأت بنخر العلاقة بين رامز وأحلام بطريقة غي ر مباشرة. كانت تستخدم خالدا كحجة لاستدعائه من منزل أحلام وكانت تحاول أن تظهر أن أحلاما لئيمة لعدم استجابتها لدعوات منى المتكررة لها للخروج معا او ان تتزاورا معا وما إلى ذلك. ويوماً بعد يوم صار رامز وبدون شعور يطيل الوقت الذي يقضيه مع منى وولدهما خالد. أحست أحلام بتغير رامز تجاهها لكنها استمرت في حياتها كالمعتاد فليس لها أن تغير من خيارات رامز، ولن تسمح لنفسها بطلب الاهتمام بها طلباً. مع الوقت صار رامز يشعر بالضيق لتنقله بين منزلين وصار لا يطيق البعد عن خالد الذي انتظره لفترة طويلة. وزادت النقاشات بين أحلام ورامز على أبسط الأمور وأكثرها تف

الجزء 16

حبيبي رامز، ما سأقوله الآن صعب جدا ًعلي فأرجو منك ألا تقاطعني فقد استجمعت كل قوتي لأحادثك. أنا أعلم مدى تعلقك بالأطفال وأرى ذلك دوما في عينيك عندما تلاحقان هذه المخلوقات الجميلة، ولا تتوانى عن فرصة لمداعبة أحدهم. لذلك أطلب منك الزواج بأخرى على أن أبقى الزوجة الأولى ولي منزلي الخاص وأن يكون اختلاطي بها عند اللزوم فقط. والطلب الوحيد الذي أطلبه منك هو أن تكون الزوجة الثانية على دين وخلق فلا أظلم أنا بأفعالها. نظر رامز إلى عينيها وقد اغرورقتا بالدموع غصباً عن إرادتها ثم طأطأ رأسه. لم يكن بارعاً باستخدام الكلمات لكنه جلس على ركبتيه أمامها وحضنها اليها بشدة حتى أحست برجفة في جسمه من كثرة التأثر والامتنان. ثم نهض وشدها الى الأعلى لتقف معه وأسهب قائلاً: عندما وعدت والدك أنني سأكسب ثقتك كنت جادا وقد فعلت ما في وسعي لتكوني سعيدة ولكن القدر أبى أن يرزقنا بأطفال. أنت محقة يا أحلام أنا أحبهم جداً وأتمنى أن يناديني أحدهم بابا. أعدك أن أكون عادلاً في كل شىء لكن لا أعدك أبدا أن أحبها كما احببتك يا احلام فقد تغلغلت في أعماقي وصرت جزءا مني. أجهشت أحلام بالبكاء ودفنت وجهها في صدره ثم ذهبت إلى غرفتها م

الجزء 15

خلال ذلك الشهر، اتصل رامز بزميل له من البلد العربي الذي يعمل فيه والد أحلام وطلب منه أن يحصل له على عقد عمل في مستشفى هناك. ولقد وفق الصديق بتوفير العقد لرامز. وخلال ذلك الشهر كان رامز يبعث كل يوم وردة بلون مختلف إلى منزل أحلام بدأها باللون الأبيض فالأصفر فالبنفسجي فالأحمر فالمنقط فالأزهار ثم الورود وهكذا. رفضت أحلام استلام الورود كلها ولكن ذلك لم يوقفه عن ارسالها. هاتف رامز حماه الذي عاد إلى عمله وقال: عمي العزيز، أعلم أنني مخطئ بحق أحلام، وللتعبير عن حسن نيتي قررت أن أفعل شيئاً لأجلها وأعد ان تكون هذه آخر محاولة وإن صممت على الانفصال طلقتها مجبرا لا مخيرا. ما هو الامر يا رامز؟ أنا أعلم يا عمي مدى تعلق أحلام بعملها ولذلك حصلت على عقد عمل في مستشفى م.د في نفس المدينة التي تعمل بها أنت وكانت أحلام تعمل معك فيها على أمل أن تكون سعيدة في عملها معك وفي نفس الوقت نبدأ حياتنا الجديدة من غير أي ضغوط. أعجب الكلام والد أحلام ولكنه لم يفصح عن ذلك وقال ان شاء الله خيراً، سأتكلم اليوم مساءً مع أحلام بالموضوع. وبالفعل، حادث الأب أحلاماً حديثاً مطولًا بدأه بالكلمات التالية: حبيبتي أحلام، ربيتك

الجزء 14

نام رامز على الأريكة في غرفة الجلوس بلا شعور ومن كثرة التفكير بما قد حصل في ذلك اليوم المشؤوم. نام وقد شعر أن أحلام صارت حلماً بعيد المنال لأنه يعلم مدى اعتزازها بنفسها وكرامتها. استيقظ على صوت رنين الهاتف في الساعة السابعة صباحاً وإذا بها الدكتورة أروى من العيادة النسائية تتصل: صباح الخير رامز، هل أحلام موجودة؟ أريد التحدث معها لأمر هام. كلا يا أروى لقد غادرت المنزل باكراً اليوم. هل أوصل لها رسالتك؟ صمتت أروى ثم سألت إن كان عند أحلام هاتف خلوي ف أجابها رامز النفي، لم يرد أن يعطيها الرقم لأنه يعلم أن هاتفها الجوال مغلق. لقد أقلقتني يا أروى. ماذا هنالك؟ رامز، لقد حدث هناك خطأ مخبري لا يغتفر و هو الخلط بين اسم زوجتك أحلام المنسي و أخرى اسمها أحلام المنشي و بالطبع بعث المختبر لي نتائج الفحص الخطأ. أرجو أن تخبر أحلام عاجلاً أنها سليمة تماماً و لا مانع لديها للحمل.   انتهت المكالمة وأحس رامز أن الدنيا سوداء جدا في نظره. يا إلهي، ماذا فعلت؟ أخبرت أمي بقصص حياتي وتدخلت هي بطريقتها وأحلام غادرتني بلا رجعة. من أجل ماذا؟ لأنني لا أستطيع أن أحل مشاكلي بنفسي من غير الرجوع إلى أمي!!!   من توه

الجزء 13

قالت الحماة لأحلام: أنظري يا عزيزتي، أنت إنسانة محترمة جداً ولم أجد منك إلا كل خير ولكن أنا أريد أن أرى أحفادي من رامز، وعم السكوت، وبالطبع كان الكلام بعدها صعباً على الأم، وكانت الحماة على أمل أن تعقب أحلام بكلمة على كلماتها تلك. ولكن أحلام كانت ذكية ولم يخرج من فمها حينها إلا الكلمات التالية: يا رب تكون الكعكة التي حضرتها بنفسي قد أعجبتك يا خالتي. طبعا حبيبتي سلمت يداك وعيناك. ودعت أحلام حماتها وقد حملتها بعضاً من الكعكة لأخت رامز الجامعية وقالت لحماتها سلمي لي على رقية، سأشتاق لها كتيراً. استغربت الحماة الجملة الأخيرة ولكنها لم تطل الوقوف عندها وقالت: إن شاء الله ننتظركم أنت ورامز يوم الجمعة كالعادة. وفور خروج الحماة من المنزل، رفعت أحلام سماعة الهاتف وطلبت من خالة من خالاتها القريبة جداً منها بالعقل والقلب أن تأتي إليها وطلبت منها أن تخبر أحد أبنائها الشباب أن يفرغ وقته خلال ساعتين لأمر هام. كان الجميع يعلم أن أحلاما لا تطلب هكذا طلبات إلا لأمر كانت قد درسته وأصرت عليه تماما. فصدعت الخالة لطلبها وذهبت مسرعة إلى بيت أحلام. كانت أحلام قد وضبت كل ملابسها ومتعلقاتها الشخصية في عد

الجزء 12

كان رامز غاضب جداً وقرر أن ينام في غرفة أخرى لتفادي التحدث مع أحلام. أصبح الصباح وغادر رامز إلى عمله باكرا ولم يتناول قهوة الصباح ولم يتناول الإفطار. استيقظت أحلام في التاسعة صباحاً ولم تجد رامزاً في البيت. فشربت قهوتها وأفطرت وخرجت لزيارة واحدة من صديقاتها. كانت زيارة عادية لكي تغير جو البيت الكئيب ولم تشارك قصصها مع أحد. وإن نم ذلك عن شيء إنما ينم عن قوة شخصية أحلام وتوازنها النفسي وقدرتها على التحكم بأعصابها. عادت أحلام إلى المنزل وحضرت الطعام وكان جاهزاً في وقته في الرابعة مساء كالعادة. وانتظرت رامزاً ولم يأت. عاد رامز في الثانية عشرة  ليلاً وكانت بانتظاره، فأراد أن يشيح بوجهه عنها ويعود أدراجه. نادته باسمه قائلة: لا تحل المشاكل بالهرب منها يا رامز. دعنا نتناقش في الموضوع غداً وعلى فنجان قهوة. يوجد طعام جاهز لك في الثلاجة، تصبح على خير. أجاب رامز على مضض وأنت بخير، وتناول طعامه وحده وشعر بوحدة عجيبة حيث كان معتاداً أن يحدث أحلاماً عن يومه وهما يتناولان الطعام. ثم ذهب إلى الغرفة التي نام بها في الأمس فكان السرير غير مرتب فلم يعجبه ذلك. كان رامز قد اعتاد أن يكون السرير مرتباً دوما

الجزء 11

جلس مصطفى تعلو وجهه علامات الحزن الشديد وتصبغه صبغة صفراء وهالات سوداء حول عينيه. لم يبد مريضاً، لكن لابد أن خطباً ما ألم به. تناول الجميع الطعام واستأذن مصطفى من الجلوس قائلا إن عليه ان يذهب الى البيت لأمر هام وتمنى لأحلام حياة مستقبلية سعيدة على المستويين العائلي والمهني وشكرها على عملها المتقن ومهنيتها العالية طوال مدة عمله معها. عندما غادر مصطفى جلست أحلام بجانب أم مصطفى تتجاذب معها أطراف الحديث وعلمت منها أن روزا حامل في الشهر الرابع وقد بدأ ال حمل يؤثر سلباً على وضعها الصحي. انتهت الزيارة وبعد بضعة أيام سافرت أحلام لتبدأ تجهيزات الزفاف.  كانت أحلام ورامز خطيبين تقليديين فكان يأتي ليزورها في منزل العائلة او يلتقيان في مقهى أو مطعم. كانت أحلام لا تجد توافقا كبيرا في الاتجاه العام في الحياة لكنها كانت تقول المهم أننا نفس الدين والعادات والتقاليد وأنه رجل محترم. كانت أحلام تحب المطاعم الصاخبة بالناس وكان يفضل مطعما هادئاً يختاره دوماً. كانت تحب الطعام السريع كالفلافل والهامبرجر والمشاوي وكان يحب الطعام الصيني وأطعمة غريبة من نوعها. كانت تحب المزاح وكان لا يضحك إلا نادرا. كانت تحب

الجزء العاشر

قالت الأم لأحلام أن جارتها معجبة جداً بها وأنها تقدمت لخطبتها لولدها الطبيب رامز. وأضافت الأم أنها خلال الفترة الماضية راقبت تصرفات رامز ولاحظت أنه لا يقطع فرضاً في المسجد وأنه دمث الخلق ويعامل أخته ووالدته بلطف واحترام. وافقت احلام أن تجلس مع الجارة ورامز بوجود والدها ووالدتها وكانت لا شعورياً تقارن بين رامز ومصطفى وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. رامز شاب جميل الطلعة، متقد الذكاء جميل المظهر لكنه ليس بارعاً في الحديث. كلامه قليل ولكنه صادق بوصف نفسه. وصف نفسه بأنه هادئ الطبع، قليل الكلام، يحب الجلوس في البيت بعد العمل، ولا يفضل أن تعمل زوجته خارجاً ولكنه لن يجبرها على ترك عملها في المستقبل إلا إذا أثر على واجباتها في المنزل. يحب الأطفال كثيرا ويود أن يرزقه الله عائلة كبيرة. حالته المادية مجزيه ولا يفكر أبدا أن يترك البلد. بعد عدة زيارات وبعد أن أحست بوادر الموافقة في كلام والدها وبعد أن صلت صلاة الاستخارة عدة مرات وبعد الكثير من المشاورات والسؤال عن رامز في مكان عمله وبين جيرانه القدامى لم تر أحلام مانعاً من الموافقة وكان هذا يعني أن تقدم استقالتها من الشركة. طلبت أحلام من رامز

الجزء التاسع

عاش مصطفى مع عائلته في أوروبا قرابة العام. كان سعيدا أنه مع زوجة يحبها ومع ابن يربيه على الاسلام. كان سعيدا أن زوجته دخلت الاسلام طائعة غير مجبرة. كان محظوظا أن عنده عمل يدر عليه مالا يكفل له العيش الكريم. كل هذا ولكن كان هناك جانب منه يعيش خارج ذلك البلد. كانت أحلامه كلها في بلاده. وكان دائما يكرر: "هب جنة الخلد اليمن لا شيء يعدل الوطن". لم يشارك مصطفى مشاعره مع روزا لكنها كانت تعلم ما يدور في خلده ولكنها في نفس الوقت لم تستطع إجبار نفسها على السكن في ن فس البلد مع والده ولمعرفتها أنه سيؤثر على علاقتها مع زوجها بالتأكيد. مر عام ونصف وذلك الشعور لم يهدأ في قلب صاحبنا. رن جرس الهاتف، كان والده في الطرف الآخر يقول بقلق: مصطفى، والدتك مريضة وتطلب حضورك. سافر من توه اليها وآلى على نفسه أنه سيأخذها للعيش معه عندما تصح. مكث معها شهراً واصطحبها لتسكن عنده. قضت الأم عندهم قرابة ستة أشهر امتلكت خلاله قلب روزا ورأت روزا الإسلام جليا خلال تصرفات حماتها أيضاً. طلبت الأم من مصطفى العودة الى بلادها فمكانها بجانب زوجها بغض النظر عن كل شيء. امتثل مصطفى لرغبة والدته وسافرت. .  كان مصطفى يج