الجزء 13

قالت الحماة لأحلام: أنظري يا عزيزتي، أنت إنسانة محترمة جداً ولم أجد منك إلا كل خير ولكن أنا أريد أن أرى أحفادي من رامز، وعم السكوت، وبالطبع كان الكلام بعدها صعباً على الأم، وكانت الحماة على أمل أن تعقب أحلام بكلمة على كلماتها تلك. ولكن أحلام كانت ذكية ولم يخرج من فمها حينها إلا الكلمات التالية: يا رب تكون الكعكة التي حضرتها بنفسي قد أعجبتك يا خالتي. طبعا حبيبتي سلمت يداك وعيناك.
ودعت أحلام حماتها وقد حملتها بعضاً من الكعكة لأخت رامز الجامعية وقالت لحماتها سلمي لي على رقية، سأشتاق لها كتيراً. استغربت الحماة الجملة الأخيرة ولكنها لم تطل الوقوف عندها وقالت: إن شاء الله ننتظركم أنت ورامز يوم الجمعة كالعادة.
وفور خروج الحماة من المنزل، رفعت أحلام سماعة الهاتف وطلبت من خالة من خالاتها القريبة جداً منها بالعقل والقلب أن تأتي إليها وطلبت منها أن تخبر أحد أبنائها الشباب أن يفرغ وقته خلال ساعتين لأمر هام. كان الجميع يعلم أن أحلاما لا تطلب هكذا طلبات إلا لأمر كانت قد درسته وأصرت عليه تماما. فصدعت الخالة لطلبها وذهبت مسرعة إلى بيت أحلام. كانت أحلام قد وضبت كل ملابسها ومتعلقاتها الشخصية في عدة حقائب وكانت خالتها تنظر بصدمة وقالت: ماذا حدث؟ ماذا تظنين أنك فاعلة؟ أجابت أحلام بحزم وانكسار: خالتي حبيبتي أنت، هاتفي وحداً من الشباب ليأتي ويساعدني في نقل الحقائب إلى سيارتي وسيارته. بيت والدي أولى بي ونزلت دموعها بصمت وكانت حارة جداً وعيونها حمراء ووجنتيها وجبينها حمر كالدم. أمسكت خالتها بيديها وكانتا باردتين كالثلج. طيب حبيبتي، لحظة. مرت نصف ساعة وإذا بأحد أولاد خالتها يدق الباب واستأذن بالدخول وبدأ بتحميل الحقائب في السيارتين فقد أفهمته أمه الموضوع على الهاتف.
دخلت أحلام منزل والدها مع خالتها وابن خالتها وكان الحزن الشديد قد أسدل لونه على محياها. شعرت أمها بالذعر لمرآها. ما بالك يا حبيبة أمك، يا نوارة البيت؟ طلبت أحلام من أكبر إخوتها الصغار كوباً من الماء البارد وأن يأخذ الصغار إلى غرفة النوم ويروي لهم حكاية.
ماما، أنا مصممة على الطلاق من رامز وسأتنازل عن حقوقي كلها. لقد حاولت أن أكون زوجة صالحة وحاولت أن يكون الاحترام بيننا قائماً لتكون بيننا عشرة ومودة. لا يوجد بيننا أي شئ مشترك. أفكارنا مختلفة، توقعاتنا مختلفة، رؤيتنا للمستقبل تماما مختلفة. هذا كله تحملته لأنه لا يوجب الطلاق. ولكنني طلبت منه ألا ينقل أحداث بيتنا لوالدته ولم يستطع التوقف. حتى وضعي الصحي الذي علمت عنه بالمس فقط ناقشه مع أمه. وهنا رفعت والدة أحلام صوتها قائلة: مالك يا عمري؟ سلامتك! أوقفت لي قلبي يا حبيبتي! شرحت أحلام لوالدتها ما حصل وأكملت قائلة والله وددت أن أحل الأمر بيني وبين رامز حتى أنني فكرت أن أزوحه بأخرى بعد عام إن لم أحمل ولكنني لا أستطيع العيش تحت تأثير أمه عليه. إلى هنا ولن أكمل. لا شئ مشترك، أنا محتمل ألا أنجب له، قصص بيتنا تمر تحت رادار أمه. ليقل لي أحدكم لماذا أستمر؟ صاحت الأم: لا يوجد عندنا بنات مطلقات. ماذا سيقول المجتمع؟ لن يكون اسمك أحلام بل المطلقة. نظرت أحلام لوالدتها وقالت: ماما، ماذا تقولين؟ وبكت بمرارة. قالت أمها بحزن وانكسار والله من خوفي عليك يا ماما. أجابت أحلام: لقد آن الأوان أن نكسر هذه العادات البالية. الإسلام حلل الطلاق فلماذا يعاقبنا المجتمع عليه؟! هذا قراري النهائي وهذه حياتي مع كل الاحترام للجميع هنا. واستأذنت وذهبت لغرفتها.

.من توها هاتفت والدتها والدها وأخبرته بالموضع وطلبت منه العودة في أقرب فرصة لتفادي تفاقم الوضع

رجع رامز للبيت، لا يوجد رائحة طعام، فناجين القهوة وأدوات الضيافة ما زالت موجودة في غرفة الجلوس. أضواء المنزل كلها مغلقة، لا صوت مذياع ولا تلفاز. نادى: أحلام، أحلام، لا جواب. دخل إلى غرفة النوم ووجد كل الخزانات مفتوحة وفارغة. أسرع من توه إلى الهاتف وحاول الاتصال بهاتف أحلام المحمول. الهاتف مغلق. هاتف والدته (كالعادة) وأخبرها بما رأى. صمتت الأم ثم قالت: اسمع يا رامز. كنت في زيارة لأحلام اليوم وفيما يبدو أنها فهمت ما أريد قوله واختصرت الموضوع. جن جنون رامز، ماذا تقصدين؟ أغلقت أمه سماعة الهاتف في وجهه. هاتف حماته وسألها ما الذي يحدث؟ أريد التكلم مع أحلام. ليس الآن يا رامز، أحلام في حالة يرثى لها. سآتي الآن يا خالتي. الأم لرامز بحزم: كلا انتظر والدها ليأتي من السفر. هاتف رامز والدها في الغربة. قال حماه له نفس الكلام، أعرف ابنتي جيدا، لن تقدم على هذه الخطوة إلا لأمر جلل، انتظرني حتى آخذ إجازة وأرجع الى الوطن، ورجاء أترك أحلام تهدأ في بيتنا. واستأذن من رامز وأنهى المكالمة. أما رامز فقد قرر أن 


حقوق الطبع والنشر محفوظة للكاتبة بسمة بسيسو لجميع أجزاء القصة (فتاة اسمها أحلام).

Comments

Popular posts from this blog

الجزء 28 و الأخير

الجزء 12

الجزء 25