الجزء 18

وصلت أحلام ووالدها إلى المنزل وجلسا في شرفته لعل نسائم الهواء الربيعية تهدئ من كم المفاجأة التي سمعاها. بدأت أحلام الحديث قائلة: الحمد لله على نعمته التي أنعم علي بها. لكنني كنت انتظر مرور الشهر الثالث من العدة ليتثبت الطلاق تماما. أبي إن أخبرنا رامز الآن سيجبرني على أن أعود إلى عصمته وأنا لا أريد ذلك وبدأت ببكاءً مريراً. أمسك والدها يدها وشد عليها وقال بصوت حنون ولكن كله قوة: أحلام، كفكفي دموعك وارفعي راسك، لن تعودي إلى رامز طالما أنا على قيد الحياة إن شاء الله. رفعت أحلام راسها وتنهدت تنهيدة عميقة وهزت برأسها موافقة. الوالد: سأخبر المحترم رامز بالأمر لأن الدين ينص على ذلك لكنني لن اسمح له بمحادثتك أو رؤيتك إذا حاول. هل تخولينني بذلك يا وردتي؟ أماءت احلام براسها موافقة.
رفع الوالد سماعة الهاتف، مرحباً رامز. رامز: ماذا تريد؟ لا تحاول إصلاح الأمور فأنا لا اريد أحلاماً في حياتي. الوالد: إذاً نحن متفقان. أهاتفك لأخبرك أن احلام حامل في الشهر الثالث. ومجرد ان تضع المولود يحب عليك تسليمها ورقة الطلاق من كل بد. صمت رامز قليلا ثم صاح: حامل، كيف؟ ثم صمت. سأطلقها لا تقلق، لكنني سآخذ منها المولود إذا تزوجت أو عندما يصل عمره السبع سنوات. الوالد بحزم: ربما تتكلم معي بالقوانين الآن ولكن أنا أقول لك، لا تتجبر فالله أكبر. واعلم أن الله يسير الأمور كما يرى وينصر المظلوم ولو بعد حين. والله أعلم بمدى ظلمك لابنتي وأغلق الهاتف بعد هذه الكلمة.
مرت الأشهر ووضعت أحلام طفلاً جميلاً يشبهها بكل التفاصيل. حضنته بقوة وقالت: أسميتك جابراً لأن الله جبر كسري بك يا حبيب الماما، وأعدك ان تكون حياتي لأجلك.
تمت إجراءات الطلاق وتنازلت أحلام عن النفقة والمتأخر مقابل الإسراع في تثبيت الطلاق حيث حاول رامز المماطلة بالمعاملة لأجل الأمور المادية.
عادت أحلام بعد أشهر إلى العمل وكانت تترك جابراً تحت رعاية روزا ولقد أحب أولاد روزا (على وآدم) جابراً كأنه اخاهم. وفرحت روزا بالمولود وكأنه منها فقد اشتاقت للمواليد الجدد حيث أن الاطباء نصحوها بعدم الحمل محافظة على صحتها. كانت روزا تفقد صحتها شيئاً فشيئاً لكنها كانت إنسانة قوية تعيش يومها كما هو و كان مصطفى قد استأجر خادمة و مربية للأطفال فكانت روزا تشرف عليهم اشرافاً.
توطدت علاقة أحلام بروزا كثيراً وكلما اقترب عمر جابر من السابعة شعرت أحلام أن قلبها يغرق في ركبتيها و لا يسعها إلا السجود و الدعاء.
صار عمر جابر ست سنوات و إذا بأحلام تتلقى الخبر التالي من مصطفى الذي كان يعاملها كأخت ثامنة. قال لها: أعلم مدى قلقك من أن يأخذ رامز جابراً عندما يصير سبع سنوات، لكن سمعت اليوم من مدير المستشفى، وهو صديقي العزيز، أن المستشفى استغنت عن خدمات رامز و قدمت فيه شكوى الى وزارة العمل لمنعه من العمل في هذا البلد مجددا، لأنه أخل بعقد العمل و كان يكسب مالا جانبياً من المرضى و علمت أن ذلك كله بسبب كثرة طلبات زوجته التي أنجبت له الى الآن أربعة أطفال. هذا يعني ان جابراً سيبقى معك طالما أنت موجودة في هذا البلد.
نزلت دموع الفرح صامتة على وجنتيها الورديتين وشكرت مصطفى على الخبر وهرولت الى الهاتف لإخبار أمها ووالدها.
وعلى إثر ذلك الخبر اقترح والد احلام ان تأتي زوجته وأولادهما الثلاثة للعيش معهم في بلد الغربة. فالآن لا يوجد أي سبب يجعلهم يفكرون بالعودة الى الوطن وهم يعلمون أن رامزاً يعيش هناك (على الأقل حتى يصير عمر الصغير ثمانية عشر عاماً).
دخل جابر الصف الاول وكان في نفس مدرسة علي وآدم. واستمرت الحياة لثلاثة سنين أخر والجميع يعيش حياة عادية بين العمل والمدرسة وأحلام كانت تشعر بسعادة غامرة لأنها و ابنها بين والديها و إخوانها الذين عوضوا جابراً عن حنان الأب و كانت شاكرة أن روزا احتضنت جابراً وأن أولادها بمثابة إخوانه، فلم يكن يشعر بالنقص أبداً. صار عمر جابر تسع سنوات وآدم ثلاثة عشر عاماً وعلي ستة عشر عاماً.
رن الهاتف الساعة السابعة صباحا يوم جمعة من أيام الشتاء القرمزية. أحلام: السلام عليكم. مصطفى على الجانب الآخر: أحلام ارجوك ان تحضري فوراً إلى بيتنا، روزا تشعر بتعب شديد وتريد ان تراك. حاولت أن افهم منها ما تريد لكنها رفضت ان تخبرني. سآتي في الحات، أجابت أحلام.
دخلت أحلام مسرعة الى غرفة روزا وطلبت منها الثانية أن تقترب منها وطلبت من زوجها الخروج. أسرت روزا بطلب من أحلام وقالت بصوت ضعيف، عديني يا أحلام، عديني. طأطأت أحلام رأسها وقالت: أطال الله بعمرك يا روزا ولكنني سأفي بوعدي لك بطريقة او بأخرى.
دخل مصطفى الى الغرفة ومعه طاقم الإسعاف لنقل روزا الى الطوارئ.
في المستشفى، قال الطبيب المعالج:
حقوق الطبع والنشر محفوظة للكاتبة بسمة بسيسو لجميع أجزاء القصة (فتاة اسمها أحلام).

Comments

Popular posts from this blog

الجزء 28 و الأخير

الجزء 12

الجزء 25