الجزء 21

انتهى اليوم الدراسي وذهبت أحلام لاصطحاب جابر من المدرسة وكذلك فعل مصطفى. كان يجلس في سيارته بانتظار أولاده. كان من عادة أحلام أن تقف شخصياً أمام باب المدرسة لاستقبال ولدها وإذا بها ترى ثلاثتهم يسرعون بلهفة نحوها وسلموا عليها سلاماً حاراً وكل هذا على مرأى من مصطفى. شعر مصطفى بأنه ظلم أبناءه حين حرمهم من رؤية أحلام وبدأت كلمات جون ترن في أذنه.
خالتي أحلام قال علي على استحياء: نريد أن نأتي معكما أنت وجابر إلى البيت. اشتقنا لكما كثيرا وخذينا بعدها الى مركز التسوق واشتري لنا المثلجات. فلقد اشتقنا لتلك الأيام التي كنا نقضيها جميعاً مع أمي رحمها الله. بكل براءة المراهقين ومن غير أي تكليف أو موازنة للكلام قال علي هذه الكلمات.
فما كان من أحلام إلا أن شدت على يده وعيناها تغرورقان بالدموع. يا حبيبي أنت وآدم. وأنا اشتقت لكما كثيرا. اذهبا الى بابا، ها هو ينتظركما في السيارة واطلبا منه إذناً وإذا أذن لكما اصطحبتكما معي.
ركض علي وآدم إلى والديهما و طلبا إذنا منه لمرافقة أحلام. وافق مصطفى على مضض وقال في نفسه: هي طيبة معهما ولا يجوز لي ان أدخل الاطفال في متاهات حياة الكبار وقراراتهم.
اصطحبت أحلام الثلاثة وأكلوا جميعاً طعام الغداء الذي أعدته تاتا أم أحلام. ثم اصطحبت ثلاثتهم الى محل المثلجات واشترت واحدة على نكهة الشوكولاتة لعلي وعلى نكهة الفانيلا لآدم أما جابر فكان يحب مثلجات الموز واشترت لنفسها كوبا من القهوة وجلسوا جميعا يتناولون ما اشتروا بسعادة بالغة. وظل الثلاثة يروون لأحلام قصص اليوم كله. قالت أحلام: طيب يا حلوين آن الأوان أن نعود إلى المنزل لندرس وإذا بهاتف أحلام الخلوي يرن وكان الطرف المتصل هو مربية الأطفال. سيدة أحلام، طلب مني السيد مصطفى أن آتي واصطحب الولدين. أحلام: هل تطلبين الإذن منه أن تأتي بعد ساعتين؟ سأشرف على دراستهم ثم أبعثهم معك. انتظري قليلاً سيدتي حتى أسأله. نعم هو موافق.
ذهب الأولاد بصحبة المربية الى البيت بعد قضاء يوم جميل وصحي لنفسياتهم الطفولية وقد لاحظ مصطفى علامات السعادة الغامرة على وجه أبنائه.
أما أحلام فكانت قد قصت قصة لجابر وذهب في نوم عميق. جلست أحلام تقرأ كتاباً قبل النوم كعادتها ولكنها لم تفقه مما قرأت اي كلمة. كانت تفكر كيف تستطيع أن تحتضن الولدين دون أن تؤثر على حياتها وحياة طفلها. قلبها كبير يتسع لكل أطفال العالم لكن عليها التعامل بحذر. رجعت أحلام بذاكرتها إلى أول مرة رأت فيها مصطفى وكيف أعجبت به وكيف أنها حافظت على علاقة عمل معه لأنها تعلم أنه متزوج. كيف تزوجت رامزاً وكيف أخلصت له. كيف تطلقت وكيف جبر الله كسرها بجابر. كيف كانت روزا أختها وصديقتها وكيف عاملها مصطفى باحترام وأخوّة... تذكرت كيف أوصتها روزا قائلة: أحلام أريدك أن تكوني أما لأبنائي بعد موتي. أريدك أن تعتني بهم. عديني. عديني وكيف وعدتها بأن تقوم بكل ما تستطيع. لم تستطع أحلام أن تعدها بأكثر من ذلك لأن الحياة لا تجري أحياناً كما نريد.
لقد مر على أحلام سنوات كثر ومرت بتجارب قاسية أخذت منها الكثير. سألت أحلام نفسها. أأستطيع أن أكون أما وأن أفكر في مستقبلي الإجتماعي في نفس الوقت؟ وإن أردت ذلك هل يتركني القانون أن أربي ولدي؟ وإن جاراني قانون الوصاية هل مصطفى هو الشخص المناسب؟ مصطفى أحب روزا كما لم أر رجلا يحب امرأة من قبل. هل أريد أن أكون أداة لتربية ولديه فقط؟ نعم أحب عليا وآداماً ولكن !!
بقيت هذه الافكار تدور في خلدها و نامت و هي على تلك الحال.
اصبح الجميع و تابعوا الروتين اليومي.... مدرسة وعمل وتكرر نفس طلب علي وآدم من أحلام و وافق الأب. واستمر الصبيين على هذه الحال طوال العام الدراسي حتى صارا جزءا لا يتجزأ من حياة جابر وأحلام. وصار مصطفى يتكل على أحلام في الاشراف على دراسة الولدين وتربيتهما وهو غير مدرك لعواقب الأمور. وبقي الحال على ما هو بين أحلام ومصطفى في العمل فلا يتكلمان إلا في القليل النادر لاتخاذ قرارت هامة بشأن العمل.
حقوق الطبع والنشر محفوظة للكاتبة بسمة بسيسو لجميع أجزاء القصة (فتاة اسمها أحلام).

Comments

Popular posts from this blog

الجزء 28 و الأخير

الجزء 12

الجزء 25